قصة الظاهر بيبرس الفصل الثاني حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
![]() |
قصة الظاهر بيبرس الفصل الثاني حصريه وجديده على مدونة أفكارنا
كانت تلك السيدة شجرة الدر إحدى البطلات الشهيرات التي خلد التاريخ اسمها ... وثاقت نفس شجرة الدر إلى حج البيت ، فأبدل رغبتها إلى زوجها ، ، فأذن لها بذلك، وأمر وزيره شاهين أن يصحبها إلى الأقطار الحجازية ! ونادى المنادي في المدينة : من أراد أن يحج بيت الله الحرام : فليصحب موكب السيدة فاطمة شجرة حافتي الطريق، نوافذ البيوت ، احتفالا بالموكب ، ثم سافرت إلى والسيدات مطلات من : الأقطار الحجازية ، وهناك أكثرت من الصدقات والهبات
وبعد الحج والزيارة رجعت إلى مصر في صحبة من معها ، ولما وصلوا العادلية ، حملت بشائر قدومها إلى الملك الصالح الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر ، فأمر باستقبالها وتوزيع الصدقات وتلاوة القرآن فرحاً بقدومهما ، وشكراً لله على سلامتها !
وكلما جاء موسم الحج ، سافرت إلى بيت الله الحرام ، وأدت مناسك الحج ، وزارت قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ودامت على هذه الحال اثني عشرة سنة !
۲
أما ثاني الوزيرين فهو أيبك التركماني الذي كان ملكا على أرض الموصل ، وكان جباراً عنيداً ، حريصاً على أن يعرف أخبار الأمصار ، وما يجرى فيها، فعرف أن مصر يحكمها ملك يدعى الصالح أيوب ، وأنه رجل زاهد لا يفقه شيئاً من ضروب السياسة والحكم ، زهد في الدنيا وعكف على العبادة والتزود للآخرة ، ولا يأخذ شيئاً لنفسه من بيت المال ويعيش على الدقة والقراقيش ، ويتخذ جدل الخوص وصنع المكاتل والقفف حرفة له تدر عليه رزقه وزاده . وسلاحه من الخشب ، وترسه من الجميز ، وهو لا يدرى من شئون الحرب والقتال شيئاً .
فسال لعابه على مصر ، وطمع فى امتلاكها ، وقال : أنا أولى بمصر وحكمها من هذا الملك ، الذى لا ينبغى أن تكون مصر في قبضته وملك يمينه ، وأقام نائباً عنه في الموصل ، وقاد هو جيشاً جراراً وسار به إلى مصر . متنقلا من بلد إلى بلد ، فلما وصلت أخباره والى حلب ، أغلق أبوابها ، ونصب المدافع على أسوارها ، ليصد بنارها هذا الجيش المغير ، ولما بلغ الملك أيبك التركماني ما فعله والى حلب نزل بجيشه بعيداً عن مرمى مدافع المدينة، ليستعد للهجوم عليها ، وقتل من فيها من العساكر ، حتى يمتلكها وتدخل في حوزته. وبينما هو معسكر بجيشه أمام مدينة حلب
١٤
أصابه الله بمرض شديد أقعده وشغله ، وحاول الأطباء والحكماء أن يعالجوه لما أفاد علاجهم شيئا ، وألهاه مرضه عن الاقتراب من المدينة
أما والى حلب فإنه بعث رسوله بكتاب إلى مصر ، وقص فيه ما كان وما أصابه من المرض الذي شغله وجيشه عن الحرب والقتال ، وقال : إنه كان قادماً إلى مصر لأخذها عنوة وقهراً . من أيبك التركماني ،
أصبح الملك الصالح في يوم من أيامه وقد جلس في ديوانه ومن حوله وزيره وجلساؤه ، فإذا به يبسط يديه ، ويقرأ الفاتحة ويهب ثوابها لمن سبقه من الملوك ، ثم قال : الملك لله ، وكل ما سوى الله باطل ، آمنا بالله ، وصدق إيماننا فوصلنا ، سبحانك خالق الخلق ومالك الملك رب العالمين ، جار علينا الرجل الجبار ، وأراد أن يقتل بسيفه الأخيار الأبرار ، ولكن مصر يا شاهين محروسة بعناية الله ، ومن أرادها بسوء أهلكه الله
فعجب شاهين وقال : من ذلك الرجل الجبار أيها الملك الصالح ؟ فقال : لا تعبأ بكلامي ، فإنى رجل فقير لا يحسب لقوله حساب . وبينما المجلس في وجوم الحيرة والدهشة إذ بحاجب الملك الصالح يستأذن لرسول والى حلب ، فأذن له بالدخول ؛ فلما كان بين يديه سأله عما عنده من الأخبار ، فناوله كتاب الوالى ، فأمر الملك قاضي الديوان أن يقرأه :
من نائب حلب إلى أمير المؤمنين الملك الصالح :
أغار علينا ملك الموصل الجبار أيبك التركماني ، وعسكر بجيشه على مقربة من المدينة ، وقد أغلقت أبوابها ونصبت المدافع على أسوارها ،
١٥
وقد نزل بجيشه بعيداً عن مرمى المدافع ، ليدبر أمره ، ويغزونا في عقر، دارد ، ولكن الله ابتلاه بمرض أقعده وشغله عنا، وأحضر الأطباء والحكماء لمعالجته ، ولكن المرض استعصى عليهم ، وزادت شدته و عظمت آلامه فألهاه عن غزونا ، وقد أخبرنى الجواسيس أنه كان جادا في القدوم إلى مصر لامتلاكها ، وهو ما حصل عندنا ، ونحن في انتظار ما تشيرون به علينا
ولما انتهى من قراءة الكتاب أمر الملك الصالح أن يكتبوا لوالى حلب :
والله يفعل ما يشاء . افتحوا له أبواب المدينة ، وإذا سار بجيشه إلى مصر فلا تمنعوه ،
زاد مرض أيبك التركماني حتى برى جسمه ، وبهر نفسه ، وتوقع الموت حينا بعد حين ، ومر به في مرضه هذا أحد العلماء فجلس إليه
وسأله : ألم يتداوك أطباء ؟
فقال : ما عرفت طبيباً أو حكيماً إلا أحضرته ، ولكن المرض لا يزال في شدته حتى براني .
فقال له : سأداويك أنا وأشفيك
فقال : ولك الفضل والشكر الجزيل .
وأقام هذا العالم على مداواته ثلاثة أسابيع حتى برئ من علته ،
ورجعت إليه قوته وعافيته ، ونهض إلى العالم الشيخ فقبل يديه وأكرمه ،
وأثنى عليه وشكره ، ثم سأله عن اسمه ، وموطنه
الملك الخلاق . فاعتقد أيبك التركماني أنه فقال : أنا الشيخ صلاح الدين من العراق ، وساقي إليك اليوم من أولياء الله فزاد في إكرامه ، ولكنه لا يدرى من هذا الشيخ الذى داواه ، فإنه لا يعلم الغيب إلا الله .
كل عام ، ليأسروا من يلقونه من المسافرين ، فعثروا اعتاد أهل أحد أديرة الصليبيين في الشام أن يخرجوا إلى البحر على مركب يحمل أناساً مسافرين إلى بيت الله وزيارة قبر النبي عليه السلام ، فأسروهم جميعهم ، وكان من بينهم شيخ كبير يسمى صلاح الدين العراقي ، وكان يحفظ القرآن ، حاذقا لعلوم الشريعة والتفسير ورواية الحديث ، وعلوم الفلسفة والمنطق والهندسة والحكمة ، وعلوم اللغة والبلاغة ، وكان متدينا زاهداً رحيماً بالضعفاء ، فأودعوه سجنا ضيقاً ، فصبر ورضى بقضاء الله وقدره ، وجعل يقرأ القرآن ، ويتلو ما حفظ من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فمر بباب سجنه عبد الصليب ، واستمع له وهو يقرأ فأعجبه ما سمع ، وذهب إلى رفقائه ، وقال : إن بالسجن راهباً من رهبان المسلمين ، فقالوا : هيا بنا نقتله تعبداً وتقرباً ، فقال لهم : 19 الأفضل أن نذهب إليه ونقبل يديه ونسلم أمامه في الظاهر ، ثم نجعله يعلمنا القرآن وعلوم الإسلام لنكون على معرفة بالأديان الأخرى ، فقالوا :
۱۷
ونحن معك ، فذهبوا إليه ، وفتح عبد الصليب باب السجن ودخل هو ورفقاؤه عليه ، وجعلوا يقبلون يديه ورجليه ، فقال الشيخ لعبد الصليب : من أنت ؟ فقال : أنا من هذا الدير ، وقد أعجبني ما تقرؤه، وأحب أن تعلمنيه ، فقال : يا ولدى ، هذا كلام الله ، الذي يحفظه المسلمون ، فقال عبد الصليب : وماذا أفعل حتى أصبح من المسلمين ؟ فقال : أن تقول مصدقاً مخلصاً : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فنطق بها عبد الصليب بلسانه ولم يصدق بها قلبه، ثم نهض وفك عن الشيخ أغلاله وقيوده ، وأقام معه في مخدع بأعلى الدير ، وفرش له فرشاً غالية ، وأخذ يطعمه ويكرمه ، وجعل الشيخ يعلمه القرآن والحديث وغيرهما من العلوم ، وكان معه رفيقه سيف الروم ، واستمرا يتعلمان أربع سنوات ، كان عبد الصليب بعدها صورة في العلم والمعرفة وحفظ القرآن لأستاذه الشيخ صلاح الدين العراقي
وقال عبد الصليب لرفيقه سيف الروم : قد علمنى الشيخ صلاح الدين العراقى علومه ، وأفرغت ما عنده ، وأصبحت لا يمتاز هو عنى في حفظ القرآن ومعرفة العلوم في قليل ولا كثير ، وإنى أردت أن أجزيه على صنيعه هذا ، فقال سيف الروم : أقل جزائه عندى أن تطلق سراحه ، وتعطيه المال الذي يوصله إلى بلده ، فقال عبد الصليب : إنه ليس له جزاء عندى إلا أن أذبحه وأوارى جثته ، ونفذ عبد الصليب ما أراد ، فذبحه و دفنه بجانب الدير . الاسية من الامان
۱۸
وأحس راهب الدير الأكبر هذه الخطيئة الكبرى فطرد الاثنين من الدير ، ، وأنذرهما الهلاك المحتوم . إن بقيا فيه . فلبس عبد الصليب ملابس معه وسماه منصورا الشيخ صلاح الدين ، ومشيا معا يطلبان أرضاً أو قرية ليقيما فيها واتخذ سيف الروم طالباً
وبينما هما سائران في طريقهما بلغهما نبأ مرض التركماني في معسكره النازلين على مقربة من حلب ، فقال عبد الصليب : سر بنا يا منصور إلى هذا الملك ، فعسى أن نجد عنده مقاماً طيباً وعيشة راضية ودخل عبد الصليب على أيبك وشفاه من مرضه ، وأفهمه أنها الشيخ صلاح الدين العراقي ، وأنه من عباد الله الصالحين ، وأن خيراً كثيرا سيناله على يديه ما دام معه ، فصدقه أيبك واعتقد أنه من أولياء الله الصالحين . وطلب إليه أن يصحبه إلى مصر ، فقال : لن أصحبك الآن ، وسألحق بك ، ويكون لقاؤنا فى مصر بعد أن أزور سكان الشام من الأنبياء والرسل الأكرمين ، فقال : لا تنس أن تدعو لي في تلك الأماكن الطاهرة ، فقال : إن شاء الله أن يكون إلا كل خير ، ثم ودعه وانصرف كل منهما إلى سبيله .
سار أيبك من حلب إلى غزة ومنها إلى قطية ، وظل سائراً هو وجيشه ، فتاهوا فى الطريق وضلوا ، وجعلوا يسيرون أربعين يوماً ، وهم لا يجدون بلداً ولا يرون أحداً ، ولما أحس الجيش الخطر وأضناه التعب قالوا الخطر ، فإما لملكهم أيبك : عجل لنا أمرك بخلاصنا مما يحيق بنا من
۱۹
رجعت بنا إلى ديارنا ، وإما دللتنا على الطريق وأخرجتنا من هذه المتاهة ، وإما قتلناك وأرحنا أنفسنا منك ، أما اتعظت بمرضك الذي أشرفت فيه على الهلاك ؟ ! ألم تعتبر بضلالنا في هذه المتاهات القاتلة ؟ ! لقد اعتديت على ملك مصر ، وهو رجل مؤيد بعناية الله وقدرته ، لأنه أخلص له دينه ، ولولا ذلك ما استطاع أن يحكم مصر على فقره وقلة جنده
فقال أيبك : لقد صح عندى الآن أن الملك الصالح من أولياء الله الصالحين ، فمنذ عزمت أن أغزو أرضه وأغصب ملكه وأنا لا أخرج من ضيق إلا إلى ضيق ، فقد مرضت وضللت ، وهؤلاء جنودى وأعواني عصوني وهددونى بالقتل ، وهذا الملك الصالح يأمر ولاته ألا يغلقوا أبواب المدن في وجهى وألا يصدونى عن أرض مصر ، والله على نذر إن خرجت من هذا الضلال أن أذهب إليه فى مصر وأقبل يديه ، وإن أراد مالا حملته إليه ، وإن أراد أن أخدمه خدمته ، وإن رغب في قتلى سلمت إليه نفسى . وحرام على بعد الآن أن أخالف أولياء الله أو أغضبهم ، والله على ما أقول شهيد . خلال
كان أيبك صادقا فى توبته ، ولهذا لم تشرق عليهم شمس غدهم حتى كانت مدينة مصر على مرأى من أعينهم ، ففرحوا بنجاتهم ، فنزلوا على مقربة منها ليستريحوا ، وأقاموا ثلاثة أيام . وفى اليوم الرابع ، لبس أفخر ثيابه ، وأخذ معه رجاله وسادات أبطاله ، ودخلوا مصر ليحظوا بالمثول بين يدى الملك الصالح أيوب .
٢٠
تكامل مجلس الديوان وقال : سبحان مالك الملك وجاء الملك الصالح فحيا . مدبر الأمر . يا شاهين ، وسلم وجلس مكانه اجتمع الرجل بالرجل ، ولكن الرجل صافي القلب مخلص النية ، ولا يعلم بحال الرجل ، وقال : أي رجل يا . ملك ؟ ! إلا علام الغيوب إنى رجل فقير ، فعجب شاهين یا شاهین ، وما عليك أن ا فقال : سمعت قولى هذا ، ، ثم أغفلته يا علام الغيوب ، أظهر الحق على الباطل وانصرنا على القوم الظالمين .
وما هي إلا فترة وجيزة حتى كان الملك أيبك أمام الملك الصالح في ديوانه يحييه ويدعو له بالعز والتأييد، فقال الملك الصالح : أهلا بالعزيز أيبك ملك الموصل ، ومن خرج من بلاده ليملك مصر اغتصاباً . فقال أيبك : إنما جئت الآن لأكون في حماك ومستمتعا برضاك ، فقال : أخبرنا عما جرى لك فى طريقك إلينا ، فقص عليه كل شيء ظاهره وخافيه ، واعترف له بالكرامات التى رآها ، وقال : وقد جئتك لأكون أنا ورجالي وجندي في طاعتك ، وقد تركت جندى بالعدلية وقدمت إليك أنا وأكابر دولتي . فقال الملك الصالح : وهل تود الخدمة في ديواني وتكون من جلسائى وأعوانى ؟ فقال أيبك : أود أن أكون خادمك المطبع وأفتديك بروحي وجسمي وما ملكت يميني . فقال الملك الصالح : البس هذا القباء فقد جعلتك وزيرى ، وأمرت لك بمنزل تقيم فيه أنت ورجالك ، إلى نائبه بالموصل شارحاً له جميع ما حصل له ، وانتهى وكتب أيبك أمره إلى هذه الحال
يتبع
🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺
اتفضلوا حضراتكم كملوا معنا هنا 👇 ❤️ 👇
وكمان اروع الروايات هنا 👇
انضموا معنا على تليجرام ليصلكم اشعار بالروايات فور نزولها من هنااااااااا
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺